معيــة العـــون لوزير الأوقاف
ما أجمل أن تكون في معية الله (عز وجل) , فإن كنت معه كان معك , وإن كان الله معك فلا عليك بمن عليك ومن معك , وإذا أردت أن تتحقق لك معية الله ( عز وجل ) فعليك الدخول من الأبواب الموصلة إليها , وهي أبواب : المؤمنين , المتقين , المحسنين , الصابرين , حيث يقول الحق سبحانه : ” وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ” (الأنفال : 19) , ويقول سبحانه : ” وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ” (البقرة : 194) , ويقول سبحانه : ” وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ” (العنكبوت – 69) ، ويقول سبحانه : ” إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ” (النحل : 128) , ويقول سبحانه : ” إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” (الأنفال : 46) .
والدخول الحقيقي في معية الله والانضواء تحتها أهم أبواب السكينة والطمأنينة والصحة النفسية , والبعد عن كل جوانب التوتر والقلق والاضطراب والاكتئاب , إذ كيف يقلق من كان يأخذ بصحيح الأسباب ويدرك أن الأمر كله بيد من أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون , حيث يقول الحق سبحانه : ” قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (آل عمران : 26) , ويقول سبحانه :” ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ” (فاطر:2) ، ويقول سبحانه : ” أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمن يهْد اللهُ فَما لهُ مِن مُضل أليسَ اللهُ بعَزيزٍ ذي انتِقامٍ ” (الزمر : 37) , ويقول سبحانه : ” وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ” (الطلاق : 2) , ويقول سبحانه : ” وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا” (الطلاق : 4) .
وعندما نقف عند قوله تعالى لسيدنا موسى عليه السلام : “وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي” (طه : 39)، وقوله سبحانه : “وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي” (طه : 41) ، وقول سبحانه لنبينا (صلى الله عليه وسلم) : “وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ” (الطور : 48) ، وقوله سبحانه : ” وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ” (يونس : 2) ندرك عظمة المعية .
فإن من يفهم معاني هذه النصوص حق الفهم والفقه فإنه – بعد أخذه بالأسباب – سيسلم بلا شك الأمر راضيًا لمن دبره ، راضيًا بالذي قدره ، وماذا تظن إن دخلت حقًا في كنفه وحفظه ولاحظتك عين عنايته ؟ ! ، حيث يقول الشاعر :
وإذا العناية لاحظتك عيونُها
نَم فَالمَخــــــاوِفُ كُلُّهُنَّ أَمانُ
ويقول الآخر :
إذا صـــــحّ عونُ الخــــــــالقِ المرءَ
لم يجدْ عسيرًا من الآمال إلّا مُيسّرا
ويقول آخر :
إذا لم يكن عون من الله للفتى
فأول مايجني عليــــــه اجتهاده
فليحذر كل عاقل أن يقع فيما وقع فيه قارون حين قال : ” إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي “( القصص: 78) فكانت العاقبة : ” فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ” (القصص : 81) .